أن تحبّ حيواناً !!

تقول صديقة إنها تود لو تقتني هرة، لكنها لا تجسر على ذلك فهي ترى الجياع والمعوزين وتستكثر على نفسها أن تنسى كل ذلك وتنشغل بهرة. إنه سؤال مشروع بطبيعة الحال. المفاضلة بين البشر والحيوانات تنتهي غالباً للبداهة، بالانحياز للبشر. نحن دائماً خجولون أمام البشر. خجولون من أنفسنا لأننا بشر، وخجولون لأننا نهمل البشر. وخجولون لأن ثمة غير البشر يهموننا، نهرب من الألم البشري لأنه الوحيد الذي لا نطيقه والوحيد الذي يحرجنا. لا نفكر لذلك بأن الحيوانات تتألم وبأن الأشجار، ربما، تتألم وبأن الجمادات ربما تتألم، لقد ولدنا في عالم مركزه الإنسان ومحوره الإنسان. الإنسان الذي ينكر أي حق لبقية المخلوقات. ولا يقبل بأن تلتفت لجوع المخلوقات ولا ألمها ولا حاجتها. علينا ان ننتهي أولا من الألم الانساني، من الجوع الانساني، من حاجات الانسان قبل ان نفكر في مخلوق آخر، انها بالطبع الانسانية التي يمكن ان تكون مرادفاً لأنوية مطلقة. الانسانية التي سرعان ما تغدو استعماراً للكون. أحسب أن الحيوانات أيضا تتألم. لكن ألم الحيوانات، لحسن الحظ، لا يحرجنا. اذا كنا نستطيع ان نداويها، فإننا نفعل ذلك بدون ان يكون فيه الحرج نفسه والإشفاق على الذات اللذان يسمان كل عمل انساني نقوم به، ها هنا لا يكون الحب مؤذياً ولا الإحسان جارحاً ولا الخير مطعوناً في نواياه وفي سره. ها هنا يقدر لنا أن نرى الجمال بدون أن يخنقنا حس الامتلاك والاستحواذ. حس حبس الجمال واعتقاله وتدجينه وتوطينه وتحويله إلى متعة خاصة. ها هنا يمكننا ان نحب بدون ان يكون الحب معركة، وبدون أن يتحول إلى إشكال وبدون ان نختار فيه ولا نعرف إذا كنا نحب أنفسنا او غيرنا واذا كنا نحب الحب او نحب الآخر. ها هنا يمكننا ان نسعى الى ألفة بلا ثمن وبلا خوف، وأن نصل الى حرية مع أنفسنا ومع غيرنا. الحيوان لا يطلب منك سوى أن تكون معه إذا شئت. إرادته ستكون ذلك وحده. أن تشاء أنت، أن تريد أنت. هذا ولا شيء آخر.
تقول صديقتي إن من الحرج أن تهتم بحيوان بينما البشر جياع. الكون أكثر من البشر وثمة حيوانات كثيرة جائعة. ثمة حيوانات لا تحتاج إلى أكثر من لمسة. بعدها نغدو نحن أفضل ويغدو شبعنا أكثر مشروعية. ونتدرب على حب بلا ثمن. على حب لا يؤذي.

موضوع جميل يسلمو اخي الكريم

أن تحبّ حيواناً !!

أن تحبّ حيواناً !!

رد: أن تحبّ حيواناً !!